لماذا يتجاهل الجميع كارثة تدمير الأمطار لمدينة «زبيد» العتيقة؟

‏  7 دقائق للقراءة        1328    كلمة

الحديدة نيوز- خاص – علاء الدين حسين:

أدت الأمطار إلى مقتل العشرات من المواطنين،وانهيار مئات المنازل،أبرزها الأثرية ،في مدينة زبيد،جنوب الحديدة غربي اليمن. كانت منطقة المرشدية بعزلة الموقر،شاهده على تلك الكارثة ،ففي مطلع أغسطس/آب الفائت سقط سقف مبنى أثرى يعود بنائه إلى القرن السادس عشر،يملكه الحاج محمد حسن،مما أدى لإصابة إبنته الفتاة العشرينية برضوض،وعقب وقوع حادثة الانهيار غادرت العائلة المكونة من سبعة أشخاص المنزل ،إلى منزل أخر تابع لهم،وكان الجميع قد استسلموا للأمر الواقع،عدا مالك المنزل الستيني محمد حسن،حيث بدّت الحسرة ظاهرة على ملامحة لأنه يُدرك الأهمية التاريخية للمنزل الذي شيّده أجداده منذ مئات السنين.

ويوضح حسن لـ”الحديدة نيوز”،محاولاته المستميتة للحفاظ على أقدم منزل لعائلته،لكن تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب خذلان الجهات الحكومية والمنظمات الدولية له،إذ يؤكد حسن،أنه باع كل ما يملكه من مواشي،حتى يتمكن من ترميم المنزل الأثري للعائلة،لكنه لم يستطع،بسبب غلاء مواد الترميم،،يقول حسن «ماذا سأقول لأبنائي عن ما حل في منزل أجدادهم ؟،لساني يعجز عن وصف الكارثة التي نعاني منها».

وفي مطلع أغسطس/آب الفائت تهدمت محلات قديمة شُيدت قبل مائة عام ،وهي مبانٍ مترابطة ببعضها،كانت موجودة داخل السوق القديم لزبيد،حيث أدت سيول الأمطار لتهدمها،الأمر الذي أدى إلى تشرد العشرات من التجار الذين اضطروا إلى النزوح لأماكن أخرى .

استثناء غير مبرر

وفي منتصف أغسطس/آب الفائت انهار سقف مكتبة الشيخ العلامة محمد عبدالجليل الغزي،التي  تُعد من أعرق المكتبات الخاصة في مدينة زبيد ويفد إليها كثير من الباحثين من كل مكان ،وهي رديف لكل المؤسسات البحثية في اليمن،لكن المسئولون في الحكومة اليمنية لم يكترثوا للمأساة  التي نزلت كصاعقة في رؤؤس المثقفين،كما يقول الباحث في التراث الزبيدي محمد محجب في وصفه لما حدث خلال حديثه لـ”الحديدة نيوز”.

بيد أن الواقعة نبهت الكثيرين أن يحذروا من سيناريو مشابه قد يحدث لمكتبة زبيد العامة، وهي المكتبة الأبرز في اليمن،وهو الأمر الذي أكده هشام عبدالله ورو،مدير مكتبة زبيد،أذ يضيف القول بأن«المباني الأثرية لزبيد تنهار كل يوم بسبب الأمطار على مرأى ومسمع المسؤلين،فلا اهتمام من صندوق التراث والتنمية الثقافية الحكومي، ولا من المعنيين بالشأن الثقافي والتراثي في البلاد، بل أن هيئة الآثار الحكومية حينما وجهت مناشدة للمعنيين بضرورة إنقاذ مدن يمنية أثرية من سيول الأمطار استثنت مدينة زبيد».

وفي حديثه لـ”الحديدة نيوز”،يتساءل ورو،عن سبب استثناء مدينة زبيد من مناشدة هيئة التراث بضرورة إنقاذ المدن الأثرية المتضررة من سيول الأمطار، فالمختصين في الآثار استفادوا باسم مشاريع هذه المدينة منذ عقود وعندما تعرضت زبيد للخطر تناسوها،كما يقول ورو.

 

تجاهل ولا مبالاة   :

أدت سيول الأمطار في زبيد ،إلى تهدم وانهيار وهبوط خمسين منزلاً أثرياً لمدينة زبيد التاريخية؛متركزة  في 4 حارات هي “الجامع، والجزء، والعلي والمجنبذ”. بحسب حصيلة أولية  صادرة عن لجنة مشتركة من فرع هيئة المدن التاريخية والمجلس المحلي بمديرية زبيد .

من المتوقع خلال الأيام القادمة أن تتسبب سيول الأمطار إلى تهدم مئات المنازل الأثرية في زبيد القديمة . وفقاً لحديث مسئول في السلطة المحلية في زبيد لـ”الحديدة نيوز”.

 

يتهم المواطنون في زبيد السلطات الحاكمة ،والمنظمات المعنية بالحفاظ على التراث بتجاهل مأساة زبيد،كما يتهمونهم بتناسيمكانة زبيد التاريخية في العالم الإسلامي،إذ يؤكد عدد من المواطنين الذين التقت بهم “الحديدة نيوز”،ومنهم الصحفي محمد مهدي،أن«استمرار تجاهل كارثة سيول الأمطار التي سببت أضرار بالغة في  المنازل ألأثرية في زبيد، سيفاقم الأزمة وسيتسبب في انهيار ماتبقى من المبانٍ الأثرية، كما سيتسبب في تهديد حياة الأطفال والناس بشكل عام  الذين يمرون بجوارها».

وفي خضم استمرار أزمة تهديد سيول الأمطار لمدينة زبيد، شكّل أهالي المدينة لجنة مجتمعية لحصر أضرار السيول وتقديم المساندة للمتضررين من قبل فاعلي الخير،وكانت البداية من خلال إنشاء صفحة تفاعلية على موقع التواصل الاجتماعي”فايسبوك”،لتحقيق الهدف الذي من اجله تأسست الصفحة،كما يقول رئيس اللجة المجتمعية لتقييم أضررا السيول في الحديدة الناشط محمد الشنيني.

ويضيف في حديثه لـ”الحديدة نيوز”،قائلاً: «الناس مدركين  خطورة سيول الأمطار وتهديدها لبقاء مدينة زبيد الأثرية،وكان هناك تفاعل في بداية حملتنا،غير أن الهدف لم يتحقق،ولا نعلم ما السبب وراء ذلك».

ومع ذلك ، يشير شنيني، بأنه وزملائة النشطين في الصفحة،حققوا نجاحات لافتة من خلال توجيه أنظار المسئولين و الجهات الخيرية ،والدليل على ذلك تواصل  القائم بأعمال المحافظة محمد عياش قحيم ،معه بشأن منشورات عن أضرار لم يبلغ عنها السلطات المحلية بالمديريات.

عقب الضغط المجتمعي شكلت السلطات المحلية لجان لحصر أضرار السيول،ولجان أخرى تحدد المناطق المتضررة من الأمطار والأكثر احتياجا للإغاثة، لكن الناشط هشام وروا أكد لـ”الحديدة نيوز”،بأن«الجهات الرسمية اقتصر عملها إلى الآن على الحصر والتوثيق فقط ،حيث لا توجد هناك خطوات عملية  لترميم المنازل والمواقع الأثريةالمتضررة من الأمطار».

وفي حديثه لـ”الحديدة نيوز”يرى الأمين العام السابق لليونسكو في اليمن الدكتور أحمد المعمري،أن«مشكلة مدينة زبيد تكمن في تجاهل المواطنين وتجاهل  السلطات،وعجز الحكومات المتعاقبة،وعدم جدية من قبل الجميع في إنقاذ المدينة المكنوبة».

ويقول المعمري«قضية زبيد اليوم،أصبحت قضية معقدة ومركبة وهي الآن مدرجة في قائمة خاصة بالمدن التاريخية المعرضة للخطر، ذات يوم كنت في باريس وكان هناك حوار عن آثار اليمن وكنت اسمع العلماء يتحدثون عن زبيد وأنا صامت فقط اردد في نفسي ليت قومي يعلمون..وفي ذات الحوار  حدثني خبير عالمي قائلا لو كانت معانا بلادكم لأكلنا منها الشهد،معكم متاحف مفتوحة وطبيعة خالدة وعبقرية وانتم تهملونها».

بدوره وجه وزير الثقافة اليمني الأسبق خالد الرويشان عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي”فايسبوك” نداءٌ للعالَم،قال فيه« تهامة تغرق وتموت جوعاً أكَلَت الحيرةُ قلبي منذ أيام وأنا أتساءل: مَنْ يجب أن أخاطب أو أنادي من أجل تهامة وهي تموت غرقاً وجوعاً أمام أعين الجميع!؟ الشرعية مشغولةٌ ودائخةٌ بتقاسم الحكومة! والحوثيون مشغولون هائمون بيوم الغدير ومهرجاناته المفروضة على كل مدينةٍ وقرية ، والتحالف سيّء النيّة مشغولٌ بتقسيم البلاد وتفتيتها وتبديد طاقاتها! والانتقالي ا مشغولٌ بقضم سقطرى ،وقوات ساحل المخا عادت جنوباً لتقاتل الشرعية في تعز التربة يحدث كل ذلك بينما تهامة تموت غرقاً وجوعاً».

وتساءل الرويشان، قائلاً:«من أنادي أو أخاطِب؟ تهامة تموت غرقاً وجوعاً تهامة قلبُنا الأبيض ورئة اليمن الكبرى تهامة التي أطعمت اليمن منذ عقودٍ وقرون تموت أمام أعيننا اليوم«!

وأقترح الرويشان أن «الواجب وبقرار جمهوري أن يتم تشكيل هيئة عاجلة لإنقاذ تهامة من آثار سيول الأمطار الغزيرة التي دمّرت وتدمّر سدوداً وبيوتاً وشرّدت وتشرّد الآلاف من اليمنيين كل يوم«.

بدورهم طالب عدد من الشخصيات السياسية والثقافية اليمنية في بيان خاص حصل”الحديدة نيوز”على نسخة منه،إعلان تهامة منطقة منكوبة بسبب سيول الأمطار،حيث أصبحت المنطقة تستحق الدعم والمساندة الدولية.

وناشد الموقعون،على البيان ،الأمين العام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حث أطراف الصراع في اليمن إلى توجيه الاهتمام وتقديم الرعاية الإنسانية لأبناء تهامة.

كما أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن حملات إلكترونية تصدرها هاشتاج #أغيثوا تهامة، و #تهامة تغرق، و #تهامة تستغيث و #تهامة منكوبة و #أنقذوا_النازحين.

تصل  للحاج محمد حسن،أنباء عن حراك مجتمعي مطالب بضرورة إنقاذ المنازل الأثرية في مدينة زبيد، من سيول الامطار،إذ يرى أن هناك ثمة نوافذ أمل يمكن من خلالها،أن يجد فرصة في إعادة منزله الأثري المتهالك إلى ما كان عليه قبل كارثة السيول.

 

عن gamdan

شاهد أيضاً

عريسان ينظمان مباراة كروية بمناسبة حفل زفافهما  

‏‏  1 دقيقة للقراءة        195    كلمة الحديدة نيوز / منصور الدبعي  للمرة الأولى ربما في اليمن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *