شعب تهامة ناسجي السعادة

‏  3 دقائق للقراءة        528    كلمة

 

مقال بقلم / الهام ابوبكر

خاص / الحديدة نيوز

ومن بين كل تلك العتمة المخيمة في صدورنا ، وكل تلك إلاهات والوجع الفائض من ارواحنا ، وصرخاتنا التي باتت مكتومة ، ودموعنا المتحجرة من جفاف المعيشة بعد ان نادت ونادت ولا مغيث ..
لازلت ارى تلك البسمة المشرقة في افواهاهم ، افواه ذلك الشعب الجميل ، نفس تلك الأفواه التي صرخت التي نادت التي تألمت وشكت .. اتعجب من شعب مازال عنده القدرة على حياكة السعادة .. بإبرة الامل وبكرة الثقة بالله .

كل ذلك كان يدور في ذهني وانا في ذلك الباص _ الفارة _ كانت الساعة الثانية ظهرا ، كاد راسي ينفجر من الصداع والحر الذي لا يفرق بين عجوز وشاب ، امرأة محملة بمقاضي البيت واُخرى اكملت دوامها للتو ، كلهم دون استثناء في ذلك الفرن الكبير ، الذي تأملته لبرهة .. كيف سيكون هذا في الصيف ؟! اااه مجرد التخيل فقط يصيبني بالضجر ، ولكن الغريب ان في تلك اللحظة قامت عجوز تحمل في يدها صحن كبير بالدق ع نافذة الباص ( يا ابني خلاص هنا بنزل ) وهي تجر نفسها وعباءتها بصعوبة وبتعب ، قال لها السواق مازحا ( يمه خلي لنا الصحن نتغدي به ) ضحكت العجوز قائلة ( ما يغلي عليكـ ) ومدت له بالصحن ، ظل يقنعها انه مجرد مزاح ولم تقتنع حتى اخبرها انه اذا اخده فلن يجد طعام كافي يحطه فيه ، فدهبت وهي تدعي له بالرزق والسعادة ، ياله من موقف جعل الجميع يضحكون وينظرون لبعض ، وكأن كل واحد لا يسعد الا بسعادة الاخر .. موقف اسعدني وانا لست طرف فيه ، شعرت للحظة انه حياتنا جميلة رغم كل القبح ، ثم تابعنا الطريق الى ان اشارت للباص واحدة تحمل معها ثلاثة أطفال يبدو عليها التعب والإرهاق صعدت الى الباص بعد ان اطمئنت على اطفالها الذين صعدوا قبلها .. وقَعَدت بجانبي فإذا بطفلتها قدمت لي قطعة حلوى ( ها يا خالة ) تبسمت حتى شعرت بهواء نقي يطوف في اعماقي ، يالا جمال المنظر !! طفلة تعطيني حلوتها ! التفت لها كي أشكرها ، اذا بها تقدم تلك القطعة الوحيدة للجميع وقبل ان يجيبها احدهم تحطها في فمها ، لا اذكر اني ضحكت من قبل مثل هذا اليوم ، طفلة جميلة تربت على الكرم ، تذكرت مقولة ( حافظ مش فاهم ) ، فقد جعلت من الباص مسرح لمسرحية كوميدي بكل تصرفاتها وحركاتها ، كان الجميع يضحك ، وعندما نزلت ظلت تسلم على الجميع وتودعه ، وامها تنتظرها بصبر يليق بتربيتها ولم تتفوه بحرف واحد يزعجها بل انها كانت مبتسمة ، رغم تعبي في ذلك اليوم والحر الا اني كنت مستمتعة في ذلك الباص ، وجدت فيه الامل وجدت فيه أناس يبتسمون رغم الالم ..
وجدت فيه جرعة ايجابية تضخ في عروقي كي اكمل مشوار العمل في هذه الظروف .. العمل دون راتب دون كهرباء دون اي حافز او تقدير ..
فقد كانت اجزتي اليوم ابتسامة تلك العجوز وكرم تلك الطفلة .

عن gamdan

شاهد أيضاً

المنصور محمد .. !

‏‏  3 دقائق للقراءة        415    كلمة الحديدة نيوز / كتب / عمار وليد شخصية تحب العمل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *