عسيلان … الأرض والانسان .موطن الحضارة وعبق التاريخ

‏  8 دقائق للقراءة        1512    كلمة

عسيلان … الأرض والانسان .موطن الحضارة وعبق التاريخ

الحديدة نيوز / زبين عائض عطية

مديرية عسيلان .. إحدى مديريات محافظة شبوة كانت مركز إداري يتبع مديرية بيحان تقع في الجزء الغربي للمحافظة تحدها من الشمال محافظة مارب ومن الجنوب مديرية مرخة السفلى ومن الشرق مديرية جردان ومن الغرب مديريتي عين وبيحان ، مناخها صحراويا حارا صيفا وباردا جافا شتاء تبلغ مساحة مديرية عسيلان ( 3232) كيلو متر مربع ويبلغ عدد سكانها ( 31518)نسمة منهم (16173) ذكور و(15281) إناث حسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004مركزها الاداري مدينة عسيلان طبيعتها الجغرافية عبارة عن سطح صحراوي في الغالب تنشر فيها الكثبان الرملية ومن أشهرها رمله السبعتين وهي امتداد طبيعي لصحراء الربع الخالي ويوجد بها بعض المرتفعات الجبلية في الجزء الجنوبي كما يوجد بها عدد من الأودية ومن أهمها وادي جنه كامتداد لوادي بيحان الذي يصب باتجاه رمله السبعتين .

معظم التجمعات السكانية ريفية ما عداء بعض المناطق الحضرية وشبة الحضرية مثل مدينتي النقوب وعسيلان تحتل مديرية عسيلان أهمية أثرية وتاريخية واقتصادية ، فهي مديرية قامت على أراضيها مملكة قتبان إثناء ازدهار الحضارة اليمنية القديمة وقد اتضح خلال أعمال الحفر والتنقيب التي قامت بها بعثه أثرية ايطالية أخيرا في القصر الملكي القديم بمدينة تمنع الأثرية عن وجود اكبر معبد يكتشف في الجزيرة العربية تقريباً حتى الآن يعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد, ويقدر طول المعبد المكتشف بـ42 مترا وعرضه 35 مترا ويحتوي على تسع قواعد في واجهة صالة البهو وبه 16 عمودا في البهو وهي مبنية من أحجار الجرانيت .

كما كشفت البعثة الأمريكية لدراسة الإنسان عام 1951م إضافة إلى بعثة تنقيب آثاريه فرنسية, أن طقوسا دينية كانت تمارس في المعبد خاصة بالآلهة التي كانت تعبد آنذاك, وقدروا عدد المعابد التي كانت موجودة في مدينة تمنع وحدها بأكثر من 60 معبدا ويبعد هذا عن مدينة شبوه التاريخية 150 كيلومترا غربا على طريق القوافل كما كشف خبراء الآثار عن هذا العمود الذي يقع على المدخل الغربي لمدينة تمنع مكتوب علية قانون السوق ويعتبر أول قانون تجاري في تاريخ البشرية .

وتوجد في عسيلان منطقة لياديم التي كانت قبلة لكثير من رجال القبائل او ما يسمون آنذاك ألجماله لغرض جلب الملح الذي يوجد بها منجم للملح الصخري وكان آنذاك هو المصدر الرئيسي للعيش لأبناء قبيلة بلحارث ومن يجاورها من القبائل الأخرى سواء في بيحان أو حريب او الجوبه او مرخة السفلى .

ويتكون هذا المنجم من الشعب لسفل والشعب لعلى وهناك بعض الجبال المطلة عليه يطلق عليها قرون الملح وهي المعالم التي يستدل بها ألجماله على الموقع على بعد مسافات طويلة كما يوجد جبل أخر يطلق عليه المظلة بالإضافة الى بعض المعالم الأثرية فيه مثل جلب الرمادي وهي غرفه صغيره متخصصة للشخص الذي كان يتولى مسؤولية الإدارة والتنظيم في المنجم.

كان الكثير من رجال القبائل يشدون الرحال على ظهور الإبل قاصدين موقع لياديم قاطعين مسافات طويلة عبر الصحراء تستغرق 5- 6 أيام وليال يسيرون ويبيتون خلالها يصطحبون معهم حاجتهم من الماء والطحين من حبوب الصيف والصفراء والجداره والدخن الذي يقومون بعجينه وطهيه على جمر الحطب ويخرج خبزا يسمى الجمري ومنه يفت على لبن الإبل وزيت السمسم هناك عند وصولهم الى هذا المنجم ،هناك أشخاص يطلق عليهم ( ألمضاه ) وهم العمال الذين يقومون باستخراج الملح بواسطة أدوات بدائية تسمى السنة والمرفت وبعد نجش الملح يقوم الجمالة بتكسيرة بالمرفت وكيله بالصغيره بتعبئته في أكياس تسمى الغرارة المصنوعة من شعر الابل والاغنام وتحميله على ظهور الإبل ، حيث ينطلقون في قوافل عبر الصحراء في طريقهم الى سوق القصاب في بيحان وسوق حريب وهناك يتم بيعه لبعض التجار مقابل حصولهم على حبوب القمح او بعض السلع ومن هذه الأسواق يتم تصديره الى ذمار وصنعاء ومناطق أخرى .

كانت مديرية عسيلان تنطوي في إطار إمارة بيحان التي كان يحكمها من هذا القصر الشريف صالح بن احمد الهبيلي أبان احتلال الاستعمار البريطاني لأرض الجنوب العربي .

يوجد في وادي جنة بصحراء عسيلان اكبر مخزون نفطي تم اكتشافه في أواخر تسعينات القرن الماضي حيث تعمل عدد من الشركات الأجنبية على إنتاج خام النفط وخصوصا في قطاعي اس 1 وجنة هنت .

عرفت مديرية عسيلان بأهميتها الزراعية التي كانت بمثابة سلة غذاء يتصدر منها كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية بمختلف انواعها الى وقت قريب نظر لخصوبة التربة وتوفر كميات كبيرة من المياه ومن أهم المحاصيل الزراعية التي كانت تزرع فيها حبوب القمح والذرة والبطاطس والبصل الليمون والسمسم . لكن انحسر هذا الإنتاج الزراعي بسبب نزوح منسوب المياه الجوفية وتلوث التربة من مخلفات وأدخنة الأنشطة النفطية هنا يتركب المجتمع أساسا على الطابع القبلي ، حيث تقطن بها عدد من القبائل والعشائر والعائلات العريقة جميعها تعيش في إطار نسيج اجتماعي متماسك يسوده الود والإخاء والتراحم والتكافل والتلاحم تحكمها إسلاف وأعراف وعادات وتقاليد تنظم شئون الحياة وهي قوانيين تقليدية وضعها الأولون من اجل الحفاظ على السلم الاجتماعي وتصون للإنسان دمه وماله وعرضه وتحافظ على كرامته فيمكن القول ان هذا المنطقة من دخلها او عاش فيها فهو امن ومحصن بقوة القبيلة .

فظلا عن التمتع بالكرم والجود العربي الأصيل .

يعتبر سكان وادي بلحارث من سكان المناطق اليمنية النادرة التي تتكلم بلغة القرآن الكريم من حيث البلاغة والفصاحة كما ان هذه المنطقة تزخر بالموروث والتراث العربي الأصيل ويتجلى ذلك في الأزياء التي يرتدونها مثل هذا الملبس الأبيض الذي توضع عليه ما تسمى ذلائق ناهيك عند سماعك طريقة ولفظ المفردات ويعود ذاك لانحدار عشائرها من أصول عربية معروفة في التاريخ العربي والإسلامي .

وحتى مطلع تسعينات القرن العشرين وقبل دخول الآلات والوسائل الحديثة عاش الإباء والأجداد في ظروف معيشية تعتمد على تلبية احتياجاتهم من المسكن والملبس والمأكل والمشرب على ما تصنعه أيديهم من الشجر والحجروالشعر .

فالأواني التي كانوا يستخدمونها في الطباخة والمأكل والمشرب عبارة عن صناعات يدوية من الحجار والخشب والجلود فمثلا المطحن أما يسمى ( الرحى ) هومصنوع من الحجار وهي وسيلة تقوم بطحن الحبوب وتدقيقها كما هناك ما يسمى المدق والمصنوع من عود الشجر والضبيه التي يتم فيها حفظ الماء وتبريده والزير الذي يعد إناء للماء فيما يعتمد على مصدر المياه من آبار يدوية يتم حفرها وجلب الماء عن طريق الدلو قبل الاعتماد على مضخات المياه الحديثة فيما كانت هناك أشياء تستخدم لإغراض متعددة مثل العفره والتي توضع فيها القهوه ، كما ان الجمال والحمير والأغنام والخيول هي العون والسند والرفيق للإنسان في تنقلاته وجزء من غذاءه .

والمعروف ان بلحارث قبيلة عربية أصيلة تنسب الى الجد الاول وهو محمد ابن خضير ابن حارث ابن لحسن ابن مواجد ابن مذكر ابن يام ابن أصبا ابن دافع ابن مالك ابن جشم ابن حاشد ابن خيران او (خيوان) ابن همدان ابن مالك ابن زيد ابن أوسله ابن ربيعه ابن عريب ابن زيد ابن كهلان ابن سبأ ابن عبد شمس ابن يشجب ابن يعرب ابن قحطان ابن هود عليه السلام ويرجعون الى سام ابن نوح ابن متوشلخ الى ادم عليه السلام ومحمد ابن خضير هاجر من منطقة نجران وقد يكون نزل من منطقة (يام ) الأولى التي هي بلاد همدان الحاليه صنعاء الى وادي بيحان قبل مئات السنين حيث تزوج وسكن في هذا الوادي ورزق بعدد من أولاد ، ومن هولاء الأبناء تكاثر النسل جيلا تلو الأخر .

واعتاد أهالي عسيلان على إتباع طقوس معينة خلال إقامة الإعراس والأعياد وكذا خلال الحصاد الزراعي والتي تضفي عليها طابعا خاصا فمثلا في الإعراس تقام رقصات الشرح والمحف والزوامل ليلة ما يسمى الحناء ويوم التوجه لإحضار العروسة ،ولأبناء مديرية عسيلان وخصوصا سكان وادي بلحارث محطات ومواقف نضالية في مختلف المراحل الظروف السياسية و لعل أبرزها مقاومة الاستعمار البريطاني المحتل للجنوب العربي حيث خاضت ضده معركة شرسة سميت لاحقاً بمعركة شمسان في العام 1948م وهي الشرارة الأولى التي تلتها معارك أجبرت المستعمر على الاستسلام والانسحاب من اليمن الجنوبي وقع بين يدينا كتاب ( ماثر وامجاد ) والذي احتوى على وثائق تاريخية كشفت الكثير من المواقف المناهضة للاستعمار البريطاني في الجنوب العربي من ابنا ء قبيلة بلحارث ويتبلور ذلك في المراسلات بين شيخ مشايخ القبيلة انذاك علبن منصر الحارثي .

و قد أنجبت مديرية عسيلان الكثير من علماء الدين والفقه وشيوخ وحكما القبائل والشعراء والمفكرين والإعلاميين والأدباء ورجال المال والاعمال والمهنيين الذين بعضهم رحل الى دار الخلد ولا يزال البعض الأخر ينتشرون في ميادين العمل والانتاج بمختلف دول الخليج العربي ومناطق متعددة من الكره الارضية الأرض من ابرز القيادات التي أنجبتها مديرية عسيلان ووادي بلحارث الراحل العميد الركن صالح بن احمد ناصر الحارثي القائد العسكري الشجاع الذي ذاع صيته في أرجاء البلاد وهو شخصية كارازيميه نادرة تعددت إبداعات ومهاراته ومواهبه مابين العمل العسكري والأدب والشعر حيث صدرت له مؤلفات اهمها كتاب ( شدو البدوادي ) ومن بين شعراء هذه المنطقة الشاعر الشعبي / احمد بن علي منصر الحارثي الذي ذاع صيته في كل مكان في الخليج العربي لما يتمتع به موهبة شعرية فذة تلازمه في المراحل المواقف الحرجة من أهم ماقدمة في مساجلة شعرية مع بانهيم الحضرمي .

عن gamdan

شاهد أيضاً

المنصور محمد .. !

‏‏  3 دقائق للقراءة        415    كلمة الحديدة نيوز / كتب / عمار وليد شخصية تحب العمل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *