في الحديدة: الحياة بعشرة ريالات

‏  5 دقائق للقراءة        927    كلمة

 

الحديدة نيوز – خاص –  حسن يحيى

ما أن تشير عقارب الساعة إلى الحادية عشرة ظهراً , حتى تكتظ اسواق الحديدة الشعبية بجموع غفيرة من الناس , في مشهد تتجلى فيه عظمة العملة اليمنية القديمة.

عبدالحميد مالك أحد الدكاكين البسيطة في سوق صدام بمدينة الحديدة يعد صديقاً حميماً للعديد من الأسر التي تعيش حياتها بالتقسيط المريح يقضي ليله في تجهيز أكياس صغيرة يضع في كل واحد منها قليل من المواد الغذائية من زيت وسكر وفلفل وغيرها من البهارات قيمة الواحد منها (10) ريالات, ليكون في الصباح مزاراً للعديد من المواطنين البسطاء الذي لا تتجاوز قدرته الشرائية 200 ريال فقط ومع كل هذا مازالت الابتسامات تجد طريقها إلى وجوههم يتشاركون كلمة واحدة (مشي حالك) أملاً في أن يكون القادم أجمل ..

فئة عشرة

يقول عبدالحميد محمد حسن 48 عاماً (مالك أحد الدكاكين (صندقه) أنه يعتمد في عملية البيع على هذه الأكياس وبفئات مختلفة و يلاقي إقبالاً كبيراً على شراء هذه الاكياس الصغيرة التي يجهزها في الليل , حيث تشمل القراطيس فئة (10) ريالات على “فلفل وماجي وزر وهيل ” وفئة (30) ريال تشمل “الزيت والشاهي ” وفئة (50) ريال تشمل “السكر والدقيق والرز “ويعتمد السكان على الشراء لهذه المواد الغذائية كاحتياج يومي لأسرهم.

علي أحمد هبة 45عاماً يعول أسرة مكونة من 7 أفراد ويسكن أحد البيوت الصفيحية ,ويخرج من بيته في الصباح الباكر ليقف على رصيف أقرب جولة من الحي , باحثاً عن عمل في مجال تخصصه في (الحجر والطين) لتمكنه من زيارة صديقهم (عبدالحميد مالك الدكان ) عند الظهيرة لتكون الاكياس الصغيرة ملاذاً آمناً تكفية في وجبة الغداء مع أفراد أسرته الذين ينتظروه بشغف في كل ظهيرة.

“هبه” يكون سعيداً عند الحصول على عمل يقيه مشاق الحياة , ويشتد به البأس في زنزانة الحياة العصيبة المثقلة عندما يظل واقفاً في الجولة دون جدوى من العمل ,فلا يجد بداً من تنهيدة طويلة , يجمع فيها انفاسه المصحوبة بصوته المبحوح , ثم يعود إلى بيته يمشي بخطى حزينة صفر اليدين تحيطه همومه في حصوله على لقمة العيش.

يقول (علي هبة) أن هذا اليوم الذي التقيناه فيه -أمام دكان الحاج (عبدالحميد)- أنه من أسعد ايامه, خصوصاً وانه تمكن اليوم من الحصول على العمل وحصل على (600) ريال , واشترى مواد غذائية في كيس يحتوي على عدة قراطيس تشمل الزيت والرز والفلفل والسكر واشياء أخرى بقيمة (150) ريالات تكفيه من المتطلب الغذائي له ولأفراد اسرته لهذا اليوم.

منصور علي حسن (28) عاماً هو الاخر يجسد صورة أخرى لصور الحياة البسيطة في حارة صدام الشمالي والذي التقيناه وسط سوق الحارة يحمل في يده قرطاس زيت .

يحكي “منصور” جزءاً من واقع حياته اليومية فيقول” بعد ان اكملت الثانوية لم استطيع مواصلة تعليمي الجامعي فأنا أعول 5 افراد , واعمل مع أحد الاصدقاء مساعداً في تصليح وتجهيز أكلات تسمى “الطعمية” , واتقاضى مبلغ “500” ريال اقضيه في شراء احتياجات الاسرة من المواد الغذائية يومياً.

العربة والحمير وصراع البقاء

و بين ثنايا الواقع المؤلم التي تتجسد على ملامح ابناء حارة صدام, ترسو رحلة البحث عند (عبدالله فتيني)-صاحب عربة – يشكو هموماً تشكل بالنسبة له عبئاً يستعصي على تجاوزه في حياته المثخنة بالمتاعب اليومية, فيجد نفسه في أخر ساعة من النهار مثقلاً بالهموم المتراكمة فيسند رأسه على وسادة الأمل لعله يصحو على غد مشرق.

يمتلك (فتيني 52عاما) عربه وحمير للقيام بهمة المشاوير القصيرة في حكاية تجسد الاعتماد الذاتي بديلاً عن السيارات والآلات الحديثة, ويبدأ من الساعات الاولى من اليوم ويتمركز على مدخل سوق صدام الشرقي بانتظار من يوكل اليه مهمة نقل بضاعته إلى بيته ليتقاضى مقابل ذلك.

يقول (عبدالله فتيني) انه يقوم بنقل بضائع المتسوقين كالخشب والمواد الاخرى الثقيلة من السوق وإلى البيوت ويتقاضى على تلك المشاوير بحسب المسافة , فمن بين تلك المشاوير يتقاضى 50 ريالاً وبعضها 100 ريال و أخرى 150 ولا تتعدى ذلك.

ويضيف بلهجته التهامية (يومي عيدي) فما أحصل عليه يذهب لأصحاب الدكاكين في الحصول على مواد غذائية لي ولأفراد اسرتي المكونة من 8 أشخاص , قائلاً (مشي حالك ,,أهم شيء أكله شربه)

حياة بسيطة يعيشها معظم سكان أحياء مدينة الحديدة , فرض عليهم الواقع المر التعايش معها والانسجام على حد سواء , فأصبحت حياتهم بالتقسيط وفي صراع يومي من أجل البقاء رغم تفاقم المعاناة اليومية وواقع مجهول.

هذه صورة واحدة من صور المعاناة لسكان محافظة الحديدة والتي يتجاوز عدد سكانها 2،500،000 ويعيش غالبيتهم تحت خط الفقر وازدادت المعاناة منذ أن بدأت الحرب ا في اليمن وتسببت في تدهور الحياة اليومية لدى السكان وتشرد أكثر من 200 ألف اسرة من مدينة الحديدة بحسب تقارير لمنظمات دولية.

 

عن arafat

شاهد أيضاً

من ينقذ الموهبة حسان ريان !!

‏‏  2 دقائق للقراءة        214    كلمة الحديدة نيوز / كتب / منصور الدبعي  هذا حسان ريان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *