|
محمية برع .. من ينقذها من الإهمال ؟
الحديدة نيوز- منتهى حسين :
دمرت الحرب التي تدخل عامها الثامن في اليمن كل شيء جميل،فلم يسلم منها البشر ،ولم يسلم منها الشجر ولا
حتى الحجر،فالكثير من المحميات المنتشرة في عموم المناطق اليمنية أصابها وابل من الدمار .
إما بفعل آلة الحرب العدوانية أو بفعل التصرفات اللامسؤلة لأشخاص لا يعّون أهمية الحفاظ على بيئتهم النادرة
التي قلما يكون لها نظير في الإقليم والمنطقة،ومايحدث في محمية بُرع اليمنية إحدى أهم بقايا الغابات
الاستوائية”، في شبه كامل الجزيرة العربية،يُعد شاهد حي على مافعلته الحرب بالطبيعة الخلابة في أرض
السعيدة.
تراث عالمي مهدد
أواخر العام 2011، تم اعتماد بُرع 60 كيلومترا شرقي الحديدة،بأنها محمية طبيعية عقب إعلان اليونسكو أنها
ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني،تلك المحمية ذات المساحة الشاسعة المقدرة بحوالي 4100 هكتار،
كانت قبيل الحرب الجارية،مزاراً فريداً من نوعه يأتي إليها السواح الأجانب واليمنيين من كل حدب وصوب،بسبب
الشلالات والعيون المتدفقة ،والمناظر الخلابة في سلسة الجبال الشاهقة التي تكسوها الخضرة والبساتين
الجميلة من كافة جوانبها،وتلهو فيها المئات من الطيور والزواحف والفراشات و الحيوانات البرية النادرة،إلا أنها اليوم
تعاني من انقراض لكل مقوماتها الطبيعية بسبب الحرب.
في حديثه لـ”الحديدة نيوز،يشير الباحث البيئي عدنان سلام،إلى أن أهالي جبال بُرع كانوا يحرصون على منع
أنفسهم ومنع زائري المحمية من اصطياد طيور نادرة كانت تتواجد في المحمية بشكل مكثف مثل الحمامات
المطوقة والخضراء وطيور العقاب والكوكو،والطيور ذات الألوان الخلابة،إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل حينما
اتسعت وتيرة الحرب”.
تعرضت محمية بُرع للقصف الجوي،إذ قصفت الطائرات السعودية الإماراتية في قرية الخشف،كما قصفت سوق
المحمية،وأثر القصف على تواجد عدد من الفراشات زاهية اللون ،والطيور التي تقصد المحمية للتزاوج والتكاثر
خلال فصل الصيف،كما أثرت على تواجد حيوانات نادرة تعرضت للخوف والهلع ، من بينها السلاحف،والضباع
المخططة والدعالج الهندية، والنمور العربية،بحسب تأكيدات الباحث سلام الذي زار المحمية أواخر يناير/كانون
الثاني من العام الجاري.
شاهد:
تحطيب واستحداث
مشكلتين أخرىتين كان لهما تأثيرهما السلبي على طبيعة المحمية وهي التحطيب الجائر والاستحداثات المتمثلة،
بشق وسفلتة الطرق،تهددان بانقراض 60 نوعاً من الرعاشات والخنافس و الحشرات النادرة،كما تهددان بوجود
حيوانات نادرة كالنمس ،وكذلك ثعابين وأسماك وضفادع لا يمكن أن تتواجد في مناطق يمنية سوى محمية بُرع.
يلفت عبدالله البرعي،أحد قاطني المحمية،،أنه خلال الأيام الأولى للحرب نزح الكثير من أبناء مدينة الحديدة إلى
مناطق عدة في بُرع،وهو الأمر الذي كان يستبعده أهالي المحمية التي كانت موطئاً للسواح فقط، ويقول البرعي
في حديثه لـ”الحديدة نيوز“،أن”بناء منازل وشقق سكنية أثر سلباً على المساحات المزروعة في المحمية،إضافة
إلى أن استحداث طرق اسفلتية يصيب أرض المحمية في مقتل”.
حذر أهالي المنطقة النازحين والوافدين اليها من عدم مغبة تورطهم من تشويه معالم المحمية من خلال رمي
الاسمنت ومخلفات البناء في المساحات المزروعة من المحمية،إلا أن الأمر يزداد سواءاً كما يقول البرعي.
وفي أوقات سابقة كانت الهيئة الحكومية للحفاظ على البيئة اليمنية قد حذرت من استمرار عمليات شق الطرق
المستحدثه في محمية بُرع،حيث ان طريق سفلتي على طول خمسة كيلومترات كان قد أدى إلى إزالة 20 إلى 30
بالمائة من الغابة،واختفاء العيون، والغيول وإعاقة جريان الماء،إلا أن الجريمة ماتزال تُمارس من قبل أشخاص لا
يبالون.
إقرأ ايضاً:
في اليوم العالمي للإقلاع عن للتدخين … أطفئ سيجارتك لتنقذ حياتك
إنقاذ عاجل
مواطنون في بُرع قالوا لـ”الحديدة نيوز“،أن المحمية تشكو من تزايد الاحتطاب الجائر،الذي يهدد 35نوعاً من النباتات
النادرة من الانقراض،ويرى محمد جزيلان،أحد المنتمين لمحمية بُرع ،أن كثير من الاشخاص يأتون من خارج المحمية
ويقومون بقلع الأشجار واستخدماها كحطب للوقود بدلاً عن الغاز،دون أن استئذان من أهالي المحمية أو حتى من
الجهات الحكومية المسؤلة عن حماية المحمية.
وتُقدر نسبة أنواع النباتات في محمية بُرع 10 ٪ من النباتات المتواجدة في مختلف المناطق اليمنية بشكل
عام،وبحسب المنتدى العربي للبيئة والتنمية فإن 63 نوع نادر من النباتات
يوجد في بُرع على مستوى اليمن ودول الخليج.
قلت أعداد السواح اليمنيين ازائرين للمحمية، بينما لم يعُد للسواح الأجانب أي تواجد منذ بدء الحرب،وأصبحت اليوم
قرود البابون،هي التي تستقبل الزائرين بغضب لأن غالبيتهم لا يهتمون بنظافة المحمية،كما يقول الناشط موفق
سرحان خلال حديثه مع”الحديدة نيوز”،ويضيف القول”للأسف بعض الزوار وخاصة ممن يأتون خلال إجازات عيدي
الفطر والأضحى،لا يهتمون بنظافة المحمية فهم يقومون برمي المخلفات والصوابين في ماتبقى من شلالات
وأعين المحمية،كما يقوم البعض بتشويه جدران المحمية بالنحت عليها “.
في تصريحات صحفية،حذرمدير محمية بُرع عبدالقادر يغنم،من مشكلات تؤثر على بقاء بُرع كمحمية طبيعية،
ومن بين تلك المشكلات:الاحتطاب الجائر من قبل المواطنين، ومحاولة البسط على أراضي المحمية.
يلفت يغنم،إلى أن محمية بُرع تحتاج إلى مشاريع لبناء أحواض مائية للاستفادة من مياه الأمطار
لتغذية المحمية بالمياه،وكذلك مشاريع سياحية،اضافة إلى الدعم الحكومي.
يغتم أيضاً كان قد طالب الحكومة باعتماد مخصصات مالية لحماية وتطوير المحمية وكذلك لتطوير زراعة البن فيها .
وبحسب إحصائيات رسمية أطلعت “الحديدة نيوز“عليها فإن محمية بُرع تحتاج لجهود تكاملية بين الدولة والمواطنين
والمنظمات المحلية والدولية المهتمة بالبيئة لإنقاذ طيور ونباتات المحمية من الانقراض،يتم تنفيذها في أسرع
وقت.