وسط ركام الحرب .. «الموالعة» تحتفل بـ«عيد الغصن» !!

‏  6 دقائق للقراءة        1113    كلمة

 

الحديدة نيوز / خاص 

وسط ركام الحرب، وهدير المدافع، وبعيداً عن ضوضاء السياسة وأجواء الحرب، احتفل نخبة من شباب اليمن، اليوم الخميس، وللمرة الثانية، بما أسموه «عيد الغصن»، الذي دعت للإحتفال به نقابة «الموالعة اليمنيين»، والتي تضم شريحة كبيرة من «الموالعة» الذين يتعاطون نبتة القات، السلعة الوحيدة التي لم تتأثر بالحرب في اليمن، بل تشهد أسواقها إقبالاً كبيراً من المواطنين.
وعلى الرغم من أن «عيد الغصن»، الذي أطلقته ما باتت تعرف بـ«نقابة الموالعة اليمنيين»، والتي تأسست في أروقة مواقع التواصل الإجتماعي، من قبل ناشطين ومثقفين يمنيين، على رأسهم الشاعرين مروان كامل، وكمال شعلان، للسخرية في مواجهة الحرب من جهة، ولإعتباره سبباً للإمتاع ونسيان الواقع المرير من جهة أخرى، فإن ناشطين ومثقفين أيضاً اعتبروه إضافة أخرى إلى خيباتنا كيمنيين.
كمال شعلان، النقيب الأعلى لنقابة «نقابة الموالعة اليمنيين»، قال في بيان، حصل «العربي» على نسخة منه، إن «أهداف النقابة تتمثل في الوصول بالقات إلى العالمية وكسر الحظر الدولي عنه وتصديره للخارج بما يحقق الفائدة القومية للبلد، وتصحيح النظرة المغلوطة تجاه المخزنين والشعب اليمني».
وأوضح النقيب، أن «فكرة عيد الغصن، لم تكن مجرد احتفال مع المحتفلين، بل فكرة هادفة، تطمح النقابة، أن تصبح موروثاً إجتماعياً وثقافياً لمعالجة الصورة المشوهة عن القات في الخارج بدرجة رئيسية»، مشيراً إلى أن «دم نقيب الموالعة في عدن أمجد عبد الرحمن، والذي لا يزال قاتله يسرح ويمرح، لن يذهب هدرا».
وفي السياق، يقول الكاتب والصحافي، محمد المياحي، إن «غصن القات هو ملاذ اليمني الوحيد للوقاية من التعاسة، هذا العُشب الأخضر هو مصدر سعادتنا الأخير في بلاد بلا مسرات، هو خمرنا المباح، وسكرتنا البازغة من قلب الطبيعة». ويؤكد على أن «الحديث المبالغ فيه عن كارثية القات في هذه اللحظة الحرجة من تأريخ البلاد، يبدو نوعاً من الخطاب العبثي، إذ لا يوجد ما هو أكثر كارثية من محاصرة حياة اليمنيين».
ويشير المياحي، إلى أنه «لا علاقة للقات بالتخلف، لأننا لن نتقدم بمجرد أن نتوقف عن التخزين، يمكننا النهوض كدولة وشعب مع بقاء هذا الغصن، وبالمقابل يمكننا البقاء في ذيل الأمم ولو توقفنا عن تعاطيه».
وفي المقابل، استهجنت الناشطة الحقوقية، أروى عثمان، من التظاهرة، قائلة: إن «الإحتفال بالقات حتى ولو من باب المزاح الثقيل، فإنه بالنسبة لي يتحول إلى كابوس حقيقي مدمر». وتتسأل: «من يصدق أن شعب حضاري يتحول إلى شعب متسول يبحث عن قطمة سكر وعلبة زيت ولديه أرض تجلب له كنوز الدنيا تنتج البن الذي البرميل منه يعادل عشرة أضعاف سعر البترول».
وحول عيد الغصن، تؤكد الناشطة الحقوقية، أن «مناسبة عيد الغصن المفترض أن تكون مناسبة لمحاربة هذه الآفة النباتية، التي أصبح لها عيد، وهذه من عجائب اليمنيين التي لا تنتهي»، مشيرة إلى أن «كوبا، حيث أشهر أنواع التبغ في العالم، ويدر عليها دخلاً قومياً كبيراً للدولة، لم يتجرؤ أحد على عمل عيد وطني للتبغ».

ردود فعل متباينة 

احتفال نقابة «الموالعة اليمنين»، اليوم الخميس، بـ«عيد الغصن»، إنتقل من ظاهرة إلكترونية على منصات التواصل الإجتماعي، إلى الإحتفال في شوارع صنعاء وإب وذمار والضالع، ومدينة تعز، حيث عُلقت لافتات إرشادية، وأخرى تعريفية، في العديد من الشوارع، لإحياء العيد، الأمر الذي أثار حفيظة السلطات المحلية، وخصوصاً في مدينة تعز، حيث وجهت بإزالة تلك اللافتات.
هذا الفعل لاقى صدى واسعاً في الوسط الثقافي، وردود فعل متباينة على مواقع التواصل الإجتماعي، بين مؤيدة وأخرى معارضة، وثالثة ترى أن «القضية لا تعدوا عن مجرد محاكاة ساخرة للواقع، في مواجهة الحرب».

حالة صحية

الناشط الشبابي، محمد الجلال، عبر في حديث إلى «العربي»، عن تأييده للتظاهرة، معتبراً «إعلان عيد لتمجيد عادة تعاطي نبتة القات، ما هو إلا تعبير عن حالة السخط، أو اليأس مما آلت إليه أوضاع البلاد، في ظل الحرب التي حولت حياة الناس إلى جحيم».
ويؤكد الجلال، على أن «عيد الغصن يعتبر حالة صحية وسخرية في مواجهة الحرب، لأمر واقع ومفروض»، مستهجناً من الممارسات القمعية للسلطة المحلية في تعز، والتي عجزت عن فرض الأمن في المدينة، والقبض على القتلة والخارجين عن النظام والقانون، وذهبت، على حد قوله، إلى «اسقاط لافتتات ساخرة لا تقلق السكينة العامة، ولا تقيض سلطة الأجهزة الأمنية»، في حين يعتقد، باسم عمر، أن «النقابة ستكون قادرة على صنع نوعٍ من التغيير لوجود شريحة كبيرة تنتمي إليها من المُخزنين (ماضغي القات) في البلاد، ولكن شريطة أن يستغلها القائمين على النقابة في رسم مسار إيجابي على الأقل للترشيد في التقليل من تعاطي القات».
ويؤكد أن «كل المؤشرات للتظاهرة من خلال الترويج لتعاطي القات، تؤكد على أن النقابة تسعى من خلال برامجها إلى شرعنة القات، بطريقة ساخرة سيكون ضررها أكثر من نفعها». وأشار إلى أن «طرفي الصراع في اليمن إختلفوا على كل شيء، إلا على القات، فهو الشيء الوحيد الذي يعبر من المناطق المحتربة في اليمن، من دون اعتراض أحد».
أما المحلل السياسي، وضاح الجليل، فيؤكد في حديث إلى «العربي»، على أن «نقابة الموالعة كانت في البداية فكرة تهكمية ساخرة من الواقع، وهي فكرة اتخذت شكلاً جماعياً مثل كثير من الظواهر التي تنمو وتزدهر بفعل الإعلام الحديث، ووسائل التواصل الاجتماعي، غير أن نقابة الموالعة ظهرت كتنظيم، وهذا ميزها كثيراً عن غيرها من الظواهر، إلا أنه مع الوقت حولها من فكرة ساخرة من الواقع وتشكيلاته ومنظماته البيرقراطية ومكوناته الفاسدة إلى تنظيم موازِ لهذه التشكيلات والمنظمات، وأصبحت تنافسها في تدوير الكثير من مظاهر الفساد والعبث، وتحولت إلى شكل آخر من أشكال الفساد، وتمظهر ذلك في تولي أصحاب الفكرة ومنفذيها في مواقع التواصل، مهام خوض معارك من جدل عقيم ونقاشات تجتر أشكالاً فجة من السخرية والإهانات اللفظية المتبادلة والأوصاف النابية».
ويضيف «من حق متعاطي القات الدفاع عن القات وتناوله، ولا يوجد منطق في محاولة حرمان الناس من ممارسة حقهم، طالما أن تعاطي القات يشبه الكثير من العادات اليومية، وطالما هو عادة غير مؤذية أو تمثل أي انتهاك لأي شكل قانوني أو إجتماعي أو أخلاقي، غير أن من المضحك تحويل العادة إلى مهمة، وتنظيم أصحاب العادة في كيان، وإيجاد مناسبة للاحتفال بالعادة».
ويشير الجليل إلى أن «مسمى عيد الغصن يوحي بأنها مناسبة مخصصة للبيئة أو الشجرة، إلا أنها اتخذت مناسبة للاحتفال بتعاطي القات، وهذا أمر مثير للسخرية بحد ذاته».

مادة مخدرة

ويشتهر اليمنيون بتناولهم نبتة القات في أوقات المساء، ومضغها لنحو 6 ساعات يومياً، وقد تطول إلى أكثر من عشر ساعات لدى بعض المتعاطين. ويقول مدمنوها إنها «تعطيهم النشوة والنشاط، وهي ذات النبتة التي تعتبرها بعض الدول العربية والأجنبية مادة مخدرة يعاقب متعاطوها بالسجن».  المصدر : العربي .

عن gamdan

شاهد أيضاً

الفـــرق بين مــمارسة الطب ومــمارسة الجريمة ..

‏‏  3 دقائق للقراءة        519    كلمة الحديدة نيوز / كتب / محمد الشيباني   يقسم ممارس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *