صناعة المسلات الكارتونية في اليمن ..انتشار لافت رغم التحديات

‏  8 دقائق للقراءة        1526    كلمة

الحديدة نيوز -علاء الدين الشلالي

اعتاد الفنانون التشكيليون وصانعو الرسوم المتحركة في اليمن منذ وقت قريب، على دخول خط المنافسة في المناسبات الموسمية، للأعمال الفنية الخاصة بإنتاجاتهم التي تُعرض على شاشات القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأخذ الأمر طابع التنافس بين منتجي مسلسلات الرسوم المتحركة في اليمن، بسبب تزايد الإقبال على مشاهدة مثل هذه الأعمال، وانجذاب المشاهدين، وبالأخص صغار السن لمتابعتها، والدعم الإعلاني المقدم من الشركات التجارية لتلك الأعمال؛ بحسب ما يؤكده عدد من صانعي مسلسلات الرسوم المتحركة، في أحاديثهم

كان الأمر لافتًا خلال الفترة الماضية، حينما تم بث العديد من المسلسلات الكارتونية التي أراد من خلالها القائمون على إنتاجها، إيصالَ رسائل تحمل محتوى سياسيًّا ومجتمعيًّا وفق سياقات تاريخية تعكس واقع النزاع الذي يعاني منه اليمنيون في الوقت الراهن، بينما حاول منتجون آخرون عدم الانجرار إلى حلبة الصراع، متمسكين بمحتوى ترفيهي بعيد عمّا يعكر صفو المشاهد.

كيف بدأت مسيرة الإنتاجات الفنية لمسلسلات الرسوم المتحركة في اليمن، هنا نوثق ذلك ونرصد أبرزها، والصعوبات التي يعاني منها منتجوها.

البدايات الصعبة

بدأت صناعة أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة في اليمن، في العام 2005، حينما أنتج اتحاد نساء اليمن فيلمًا مدته 20 دقيقة بعنوان “سلمى.. العدالة خارج قريتنا”، من تأليف: رمزية الإرياني، ورسوم: مازن شجاع الدين، وتم تنفيذ الفيلم في إستوديو أخناتون للرسوم المتحركة بمصر. يتناول الفيلم قضية تعليم الفتاة، ومشكلة الثأر، لكن ذلك الفيلم لم يحقق شهرة كبيرة بسبب محدودية بثه واقتصار عرضه في مناسبات نخبوية.

حضرم تون” هو أول مسلسل كرتوني يمني بلهجة محلية استمر عرضه عبر مواسم عديدة ليصل إلى ثمانية أجزاء في العام 2023، إذ حقّق المسلسل شهرة ومتابعة كبيرة لم يحققها مسلسل كرتوني يمني آخر بسبب نقده الساخر لقضايا الفساد في حضرموت واليمن بشكل عام.

وفي العام 2007، عملت مؤسسة “شوذب” للطفولة على انتاج سبع حلقات مدة كل حلقة 20 دقيقة بصيغة محلية وباللغة العربية الفصحى بعنوان “عودة أحمد”، وهي قصة تحكي الحلقات قصة طفل يمني برفقة صديقًا له يهربان من بلادهما متجهين إلى السعودية وخلال رحلتهما عبر الجبال والصحاري يموت أحدهما بسبب لدغة ثعبان.

ويواصل الطفل ذو الأحد عشر ربيعًا طريقه ليصل إلى السعودية والعمل فيها كمتسول، كان الهدف من إنتاج الفيلم كما تقول مريم الشوافي، مدير مؤسسة شوب للطفولة، لـ”خيوط”؛ هو ثني الأمهات عن إرسال أولادهن وبناتهن إلى السعودية للعمل كمتسولين.

وعلى الرغم أنّ فيلم “عودة أحمد” تم إنتاجه عبر إحدى أهم الشركات المتخصصة بالرسوم المتحركة في مصر بتكلفة 30 ألف دولار وبتقنية ثلاثية الأبعاد، فإن القنوات اليمنية حينها رفضت بثه لاعتبارات سياسية؛ الأمر الذي دفع منتجيه إلى نسخ 16 ألف قرص (سي دي) مدمج، وتوزيعها على الأهالي في الحدائق والمدارس والأسواق في مختلف المناطق اليمنية. وتُوج الفيلم في العام 2007، بفوزه في المرتبة الثانية ضمن أفضل الأعمال الفنية في مهرجان القاهرة الدولي لسينما الطفل.

في العام 2008، تم إنتاج مسلسل كرتوني يهدف إلى توعية الأطفال من مخاطر التحرش الجنسي، ولم يعرض ذلك الفيلم الذي كان يحوي أغاني متنوعة إلا في المدارس وأماكن تجمعات الأطفال.

الفنان التشكيلي مازن شجاع الدين،هو أول يمني يعمل على صناعة الرسوم المتحركة يُبدي  اعتزازه بتجربة مشاركته في صناعة الرسوم المتحركة في فلمَي “سلمى” و”عودة أحمد”، ويقول مازن: “نتمنى أن تتكرر تجارب حقيقية وجادة لصناعة مسلسل

مسلسلات الرسوم المتحركة في اليمن والتي ما تزال في مهدها“.

انطلاقات حقيقية

العام 2013، شهد انطلاقة “حضرم تون”، وهو أول مسلسل كرتوني يمني بلهجة محلية، استمر عرضه عبر مواسم عديدة، ليصل إلى ثمانية أجزاء في العام 2023، إذ حقق المسلسل شهرة ومتابعة كبيرة لم يحقّقها مسلسل كرتوني يمني آخر؛ بسبب نقده الساخر لقضايا الفساد في حضرموت واليمن بشكل عام، إضافة إلى نقد الظواهر السلبية في المجتمع، واستمرار إنتاجه ثمانية مواسم.

بدأ المسلسل واستمر من إنتاج وإخراج مهندس البرمجيات والرسام اليمني بدر بن هلابي، الشاب العشريني الذي بدأ في صناعة الرسوم المتحركة وهو في مقاعد دراسته الجامعية، وكانت باكورة أعماله لصالح إعلانات الشركات التجارية في العام 2008، لكن ذلك لم يكن يرضي طموحات بدر، فعمل طيلة ثلاثة أعوام على إعداد وتجهيز فكرة إنتاج مسلسل “حضرم تون”، كما يشير في حديثه مع “خيوط”، مضيفًا: “لقد كان الهدف الأهم لإنتاج مسلسل (حضرم تون) هو التعبير عن أفكارنا والتعبير عن الهوية اليمنية، وخاصة الحضرمية“.

يتابع بدر، أنه حينما فكّر بعمل مسلسل كارتوني، كان يعمل على رسم الشخصيات بالطريقة التقليدية، ويُمعن في مشاهدة الحضارم وملابسهم وهيئاتهم، ويتذكر أنه كان يجلس في المقاهي كثيرًا على غير عادته؛ كي يرى أشكال وهيئات مرتاديها، وحتى طريقتهم في الحديث .

وتعلم بدر تحريك الكرتون عبر دروس تُبث من موقع التواصل الاجتماعي “يوتيوب” مدة ثلاثة أعوام، في حين حاول أن يستلهم تقنيات “الاستايل” الأمريكي و”الاستايل” الياباني في مسلسلة “حضرم تون”، بعد أن حصل على تصريح من شركة “أوتودسك” العالمية المتخصصة في مجال الثري دي، وهو الأمر الذي ساهم في تطوير مسلسله، وانصب تركيز بدر على نقل واقع الناس في حضرموت إلى العالم، أخذًا بنصيحة المخرج “ديفيد الاموتي” أستاذه في أكاديمية insight education  البريطانية.

حرص بدر بن هلابي أن يكون كادر “حضرم تون”، محليًّا بشكل كلي، فقد أشرك العديد من الممثلين في حضرموت، أمثال: أحمد عبدالله، وأحمد محروس، ومحفوظ باجبير، ورياض بن حترش، وسالم البكري، وعبدالله بلقرع، وأفراح محمد، وبديعة بن جبير، حتى التوزيع الموسيقي للمسلسل كان من عمل المايسترو الحضرمي الشهير محمد القحوم .

نجاحات لافتة

في صنعاء، كان هناك تنافس بين العديد من صانعي الرسوم المتحركة، ومنهم الفنّان التشكيلي مازن الشلال، والذي نجح العام الماضي في تحقيق شهرة كبيرة عبر إنتاجه لمسلسل “يوميات عاقل الحارة”، إذ أنتج حلقات بُثت على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “بسمة”، حيث تم بث بعض تلك الحلقات في الإذاعات اليمنية.

يتذكر مازن كيف كانت بداياته في صناعة الرسوم المتحركة بطريقة تقليدية وقديمة، حيث كان يرسم على الورق ثم يقوم بإدخال الرسوم إلى الكمبيوتر عبر “الاسكانر”، ومن ثم إعادة رسمها مرة أخرى عن طريق الماوس.

أطراف النزاع في اليمن يدركون جيدًا أهمية التأثير على الأطفال، من خلال الرسائل التي يسعون إلى إيصالها عبر مسلسلات الكرتون، التي تلاقي اهتمامًا ومتابعة كبيرة من قبل اليمنيين.

يشير مازن  إلى أنّ صناعة الرسوم المتحركة تتم عبر ما يسمى حاليًّا بـ(العصف الذهني)، وهو التفرغ التام وتهيئة العقل والجسم لإخراج أفضل ما يمكن إخراجه.

ويتحدث عن بداياته في ولوج عالم الرسوم المتحركة، قائلًا :”جاءت الفكرة عقب حصولي على دورات من معهد الاتصالات الحكومي بصنعاء في الـ((3D max والأدوبي فلاش، وهذان البرنامجان يعتبران من أهم وأقوى البرامج لصناعة الرسوم المتحركة والألعاب.

خلال سبع سنوات ماضية، أنتج مازن الشلال 40 فيديو رسوم متحركة، معظمها بُثت على قناته في موقع “يوتيوب”، ونجح أيضًا في تأسيس إستديو “الفرقد” لصناعة الرسوم المتحركة في صنعاء، رغم الظروف الاقتصادية السيئة التي يعانيها الفنانون والإعلاميون هناك.

ويلفت مازن إلى أنه واجه العديد من الصعوبات على المستوى الشخصي والعام، ومنها صعوبة الحصول على أجهزة وتقنيات مناسبة لصناعة الرسوم المتحركة بسبب عدم توفرها في السوق اليمنية، الأمر الذي دفعه إلى أن يطلبها من أصدقائه المتواجدين خارج اليمن.

من جانبه، يرى الناقد الفني مصطفى الشامي، في حديثه لـ”خيوط”، أنّ أطراف النزاع في اليمن يدركون جيدًا أهمية التأثير على الأطفال من خلال الرسائل التي يسعون إلى إيصالها عبر مسلسلات الكرتون، التي تلاقي اهتمامًا ومتابعة كبيرة من قبل اليمنيين، مؤكدًا على أهمية بعض المناسبات الموسمية لعرض وتسويق وتطوير صناعة الرسوم المتحركة في اليمن، والعمل على منافسة أرقى الإنتاجات في البلاد العربية.

وتحظى عشرات المسلسلات الكارتونية اليمنية بلهجاتها المحلية، بمتابعة كبيرة عبر قنواتها في اليوتيوب وباقي مواقع التواصل الاجتماعي؛ أبرزها مسلسلات: “العم مكرد، جابر ولطيفة، طنافس، عائلة قاسم، زعكمة، يوميات عدنية“.khuyخيوط

عن gamdan

شاهد أيضاً

ســائــقي النقل الثقيل بالحديدة يطالبون وزير النقل بتنفيذ المحضر الرئاسي وتطبيق نـظام الدور العادل للجميع

‏‏  3 دقائق للقراءة        470    كلمة الحديدة نيوز / قـــســم الأخــــبار  عاود سائقو النقل الثقيل في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *